السكر.. ما علاقته بالإصابة بالسرطان؟

أحد الأمراض التي تزيد من حالات السمنة ومرض السكر ومتلازمة التمثيل الغذائي هو السرطان. هذا هو السبب في أنني ذكرت في وقت سابق أن مقاومة الأنسولين قد تكون الخلل الأساسي الكامن في العديد من أنواع السرطان، كما هي الحال في مرض السكر من النوع الثاني وأمراض القلب.

وقام الباحثون من الوكالة الدولية لمنظمة الصحة العالمية لبحوث السرطان بتقديم أول تقارير عن العلاقة بين مرض السكر والسمنة والسرطان في عام 2004 في الدراسات السكانية الكبيرة. إنها ليست مثيرة للجدل، وما تعنيه هو احتمال أن تكون أكثر عرضة للإصابة بالسرطان إذا كنت بديناً أو مصاباً بداء السكر أكثر مما لم تكن كذلك، ويحتمل أن تكون أكثر عرضة للإصابة بالسرطان إذا كانت لديك متلازمة التمثيل الغذائي أكثر مما لو لم تكن كذلك.
تحديد المشكلة
وهذا يسير جنباً إلى جنب مع ملاحظتين أخريين تؤديان إلى فكرة مقبولة تماماً وهي أن نسبة كبيرة من بعض أنواع السرطان سببها وجباتنا الغذائية وأنماط الحياة الغربية. وهذا يعني في الواقع أنه يمكننا منعها إذا استطعنا أن نحدد بالضبط ما هي المشكلة وطريقة منعها أو تفاديها.
الملاحظة الاولى هي أن معدلات الوفاة من السرطان مثل تلك التي يسببها مرض السكر زادت بشكل كبير في النصف الثاني من القرن 19والعقود الأولى من القرن العشرين، كما هي الحال مع مرض السكر. وقد رافقت هذه الملاحظة مناقشة طويلة حول ما إذا كان يمكن تفسير هذه الزيادة فقط عن طريق شيخوخة السكان واستخدام تقنيات جديدة للتشخيص، أو ما إذا كانت حقاً الإصابة بالسرطان نفسه آخذة في الازدياد.
والملاحظة الثانية أن السرطان الخبيث مثل مرض السكر نادر نسبياً في السكان الذين لم يتناولوا الوجبات الغربية، ويبدو أنه غير موجود فعلياً في بعض من هؤلاء السكان. وفي الخمسينات من القرن العشرين كان يعتبر السرطان الخبيث مرضاً نادراً بما فيه الكفاية على سبيل المثال بين الاسكيمو.
التغذية وسرطان الثدي
نشرت مجلة الأطباء الكندية عام 1984تحليلاً للسنوات الثلاثين من الإصابة بالسرطان بين الاسكيمو في القطب الشمالي الغربي والأوسط، بينما كانت هناك «زيادة لافتة في حالات السرطان في المجتمعات الحديثة» بما في ذلك سرطان الرئة وسرطان عنق الرحم. فقد ذكرت المجلة أنه لا يزال هناك «عجز واضح» في معدلات سرطان الثدي. ولم يتمكنوا من العثور على حالة واحدة في مرضى الاسكيمو قبل 1966واستطاعوا أن يعثروا علي حالتين فقط بين عامي 1967 و1980. ومنذ ذلك الحين أصبحت أكثر وجباتهم مثل وجباتنا فازدادت باطراد حالات سرطان الثدي بين الاسكيمو، على الرغم من أنها لا تزال أقل بكثير مما هي عليه في غيرها من الجماعات العرقية في أميركا الشمالية.
وذهبت معدلات مرض السكر في الاسكيمو أيضاً من انخفاض متلاش في منتصف القرن العشرين إلى الارتفاع في هذه الأيام.
معظم الباحثين سيتفقون منذ الآن على أن العلاقة بين النظام الغذائي أو نمط الحياة الغربية والسرطان تتجلى من خلال هذه الرابطة بين السمنة والسكر ومتلازمة التمثيل الغذائي، أي مقاومة الأنسولين. وكان هذا الاستنتاج على سبيل المثال من تقرير عام 2007 الصادر عن الصندوق العالمي لأبحاث السرطان والمعهد الأميركي لأبحاث السرطان «الغذاء والتغذية والنشاط البدني والوقاية من السرطان».
فكيف يعمل؟ باحثو السرطان يعتبرون أن المشكلة الآن مع مقاومة الأنسولين هي التي تؤدي بنا إلى إفراز المزيد من الأنسولين، والأنسولين (فضلاً عن ذلك الهرمون المعني المعروف باسم عامل النمو الذي يشبه الأنسولين) يشجع في الواقع على نمو الورم.
كما أوضح لي تومسون كريغ، الذي عمل الكثير من هذا البحث وهو الآن رئيس مركز ميموريال سلون كيتيرينغ للسرطان في نيويورك، أن خلايا السرطان في الكثير من البشر تعتمد على الأنسولين لتوفير الوقود (سكر الدم) والمواد التي تحتاجها لتنمو وتتكاثر. والأنسولين وعامل نمو ما يشبه الأنسولين (وعوامل النمو ذات الصلة) يوفران أيضاً الإشارة والاستمرار للقيام بذلك. إن مزيدا من الأنسولين يعني المزيد من العمل الأفضل.
وبعض أنواع السرطان تطور الطفرات التي تخدم غرض زيادة تأثير الأنسولين على الخلية، والبعض الآخر يستفيد من مستويات الأنسولين المرتفعة المشتركة بين التمثيل الغذائي والسمنة ومرض السكر من النوع الثاني. والبعض يقوم بالاثنين على حد سواء. ويعتقد طومسون أن العديد من الخلايا ما قبل السرطانية لا تتطلب الحصول على الطفرات التي تحولها إلى أورام خبيثة إذا لم يكن يقودها الأنسولين لتتناول المزيد والمزيد من سكر الدم وتقوم بتمثيله.
وما هي تلك الخلايا التي يسميها الباحثون الأنسولين المرتفع (أو عامل النمو الذي يشبه الأنسولين) مما يشير على ما يبدو إلى خطوة ضرورية في العديد من السرطانات البشرية وبخاصة مثل سرطان الثدي وسرطان القولون.
ويقول لويس كانتلي مدير مركز السرطان في مركز بيت إسرائيل ديكونيس الطبي في كلية الطب بجامعة هارفارد أن ما يصل إلى %80 من جميع حالات السرطان الإنسانية، إما عن طريق الطفرات أو العوامل البيئية التي تعمل على تعزيز أو محاكاة تأثير الأنسولين على الخلايا السرطانية الأولية. وكانتلي هو الآن زعيم أحد خمسة فرق علمية (فرق الأحلام)، التي يمولها ائتلاف وطني يدعى «انهض لمكافحة السرطان» وللدراسة في حالات فريق كانتلي وبدقة هذا الارتباط بين الجينات المحددة للأنسولين يشير إلى جين (يعرف تقنيا باسم PI3K) وينمو الورم في الثدي وغيره.
الأنسولين المرتبط مع السرطان
إن معظم الباحثين الذين يدرسون هذا الأنسولين المرتبط مع السرطان يبدو أنهم مهتمون في المقام الأول بالعثور على العقار الذي يمكن أن يعمل على طمس الأنسولين الذي يعطي الإشارة إلى الخلايا الأولية للسرطان، وكذلك يأملون في تثبيط أو منع نموها تماماً.
إن العديد من الخبراء يكتبون عن الأنسولين المرتبط مع السرطان من منظور الصحة العامة، كما هي الحال في تقرير عام 2007 من الصندوق العالمي لأبحاث السرطان والمعهد الأميركي لأبحاث السرطان، العمل من افتراض أن ارتفاع مستويات الأنسولين بشكل مزمن ومقاومة الأنسولين على حد سواء تسببها الدهون أو عن طريق الزيادة في البدانة. ويوصون كما جاء في تقرير 2007 بأننا يجب أن نعمل جميعاً من أجل أن نصبح نحفاء ونشطاء بدنياً بشكل أفضل، وهذا بدوره سيساعدنا في منع السرطان.
ولكن بعض الباحثين سيصنع الحالة كما يفعل كانتلي وتومسون أنه إذا كان هناك شيء ما عدا كونها مجرد بدانة تسبب مقاومة للأنسولين، لنبدأ بها وهذا هو السبب الغذائي المحتمل جداً للعديد من أنواع السرطان. وإذا كان السكر هو الذي يسبب مقاومة الأنسولين كما يقولون، فإن النتيجة هي صعوبة تجنب ذلك السكر الذي يسبب السرطان (بعض أنواع السرطان على الأقل) جذرية كما تبدو وعلى الرغم من أن هذا الطرح نادر إذا ما تم التعبير عنه علنا من قبل. لهذا السبب فقط فلن يتناول أي من هؤلاء الرجال السكر أو شراب الذرة الغني بالفركتوز إذا كان بإمكانهم تجنب ذلك.
السكر المخيف
قال لي تومسون «لقد انتزعت السكر المكرر من غذائي وأتناول طعامي بأقل كمية ممكنة» لأنني أعتقد في نهاية المطاف أنه شيء يمكنني القيام به لتقليل مخاطري من السرطان، وقال كانتلي ضع هذا بعيداً: «إن السكر يخيفني».
والسكر يخيفني أيضاً، ومن الواضح أنني أود أن أتناوله باعتدال. كما أود بالتأكيد أن يتناوله أولادي باعتدال، وألا يسرفوا في استهلاكه، لكن لا أعرف بالفعل ماذا يعني ذلك، ولقد قمت بتقديم تقارير عن هذا الموضوع وقمت بدراسته لأكثر من عقد من الزمان. إذا كان السكر فقط هو الذي يجعلنا بدناء فهذا شيء واحد. إننا نبدأ بالزيادة في الوزن ونحن نتناول منه أقل من ذلك. لكننا نتحدث أيضا عن أشياء لا نستطيع أن نراها: الكبد الدهني، ومقاومة الأنسولين وعلى كل ما يلي ذلك. بشكل رسمي ليس من المفترض أن أقلق لأن الأدلة ليست قاطعة ولكني سأفعل.

في 26 مايو 2009 قدم روبرت لوستنغ محاضرة تحت عنوان «السكر: الحقيقة المرة» نشرت على موقع يوتيوب في يوليو. ومنذ ذلك الحين جرت مشاهدتها أكثر من 800000 مرة، ويزيد عدد المشاهدين الجدد بمعدل 50000 مشاهد شهرياً، وهو رقم كبير بالنسبة الى مدة 90 دقيقة من النقاش حول خواص الفركتوز من منظور الكيمياء الحيوية وعلم وظائف الأعضاء البشرية.

» أين يختبئ السكر؟
» فوائد السبانخ لمرضى السكر
» الأرق يزيد من مشاكل مرضى السكر
» الاسعافات الاولية لانخفاض السكر في الدم