الجنس : البلد : المشاركات : 108مزاجي : نشاط العضو : 50552الوسام :
موضوع: القرضاوي: استباحة دماء الناس ليس من الجهاد في شيء الجمعة أبريل 29 2011, 10:46
الدوحة – استنكر العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الأعمال التفجيرية التي تأخذ البريء والمسيء، مؤكدا أنها ليست من الجهاد في شيء، وتسيء إلى أمة الإسلام، مذكرا بقوله تعالى "مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا".
وفي خطبة الجمعة من مسجد عمر بن الخطاب بالدوحة عبر فضيلته عن أسفه مما أسفرت عنه القمة العربية في سرت، قائلا: توقعنا منها أن تقرر شيئا ذا بال في قضايا العرب.. خاصة القدس وفلسطين وقضية عزة وحصارها وجوع أهلها، ولكن للأسف لم تأت القمة بشيء يذكر، وهو الذي كان يتوقعه الناس، وهو الذي قاله رئيس الدورة السابقة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في جلسة الافتتاح، كأنما ينعى هذه الجامعة التي لم تعد تقدر على حسم خلافاتها ولا على حسم قضية واحد.
وتساءل: أيعقل ألا تستطيع أن تقرر شيئا في أي قضية مثل القدس؟ نجتمع وننفض، واجتماعات وزراء الخارجية ولا نستطيع فعل شيء، ماذا نستطيع أن نقول أمام هذه المأساة.. لم يبق إلا جماهير هذه الأمة لتجبر الحكام على فعل شيء عسى أن يتنبه الغافل.
وقال الشيخ القرضاوي معقبا على التفجيرات الأخيرة التي شهدتها العاصمة الروسية موسكو: إن الاسلام نهى عن قتل الرهبان والأطفال ومن لم يحمل السلاح، وتسائل مستنكرا: كيف يجوز قتل هؤلاء بحجة خلاف مع السياسيين والعسكريين؟ مؤكدا أن الاسلام لايبيح أن يُقتل إنسان إلا عن بينة مؤكدة أنه يستحق القتل.
وأكد أن مثل هذه الجرائم تسيء إلى أمتنا ويتهمنا بالعنف والارهاب والإسلام بريء من الارهاب ومن العنف ومن كل ذلك .وقال: إن هؤلاء الذين يستيبيحون دماء الناس باسم الجهاد، فهذا ليس من الجهاد في شيء.
ووجه القرضاوي نداء إلى الجماعات التي تتبنى نهج التفجير، قائلا: أنادي إخواني في هذه الجماعات أن يراجعوا أنفسهم وأن يتقوا الله في دينهم إذا كان عندهم شيء من المراجعة لما يعتنقون ولما يقومون به. مذكرا بأن بعضهم راجع نفسه من تلك الجماعات وتبينوا أنهم كانو على خطأ بّين، ولكن بعد ماذا؟ بعد أن شوهت كل جماعة من هذه الجماعات التي ترى القتل جهادا، سمعة الاسلام!
كما نادى القادة المسئولين ألا يكون كل همهم علاج هذه المسائل بطريقة الأمن وحده، ورأى أن العلاج الأمني لا يحل المشكلة، وقال: لابد أن يراجعوا هذه القضايا جميعاً بأن يجلسوا مع الإخوة بالقوقاز، فهذه مسائل سياسية لابد أن تحل، ويمكنهم أن يحكّموا علماء المسلمين في ذلك فالحل الأمني يسكت القضية فترة ثم يعود، ولابد من حل يقوم على السياسة والفكر.. حوار الند للند حتى يصلوا لحل المشكلة من جذورها.
مع أسماء الله
وفي خطبته الثانية واصل فضيلته حديثه عن أسماء الله الحسنى فاستعرض اسمي "المنتقم والجبار" وقال: نقتبس من اسم المنتقم أن نمهل وألا نغضب لأنفسنا، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن ينتقم لنفسه، بل يغضب لله، أما بشأن نفسه فهو حليم يغفر، وروى ما كان بين الرسول صلى الله عليه وسلم وإحدى الجواري التي أساءت فما كان منه إلا أن أمسك نفسه، وقال: لولا القصاص يوم القيامة لأوجعتك بهذا السواك.. فكان من طبيعته أن يعفو، والمؤمن يأخذ نصيباً من اسم المنتقم ولكن هناك حدود.. والله سبحانه وتعالى علمنا كيف ننتقم، وأفضل من الانتقام العفو فأنت تستطيع أن تنتقم وتعفو، مشيرا إلى قوله تعالى : "وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ".
ورأى فضيلته أن الله ينتقم حتى لا يتمادى الطغاة في طغيانهم وهكذا ينبغي أن يكون عليه المؤمنون في كل حال، فينبغي للانسان أن يصبر على سنن الله فإن له سننا لا تتبدل.. كل شيء عنده بمقدار وبأجل مسمى ولا يضيع دعاء المظلوم.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا ترد.. ومنها دعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويقول الرب: ولعزتي لأنصرنك ولو بعد حين.. الله لا ينسى إذا كان العباد ينسون، ودمعتان تسريان بالليل: دمعة اليتيم، ودعوة المظلوم. الله يمهل ولا يهمل.
عفوّا غفورا
إن الله سبحانه وتعالى كما ينتقم بهذه القيود والشروط يعفو لمن يشاء، كما جاء في القرآن "وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا"، وقال الشيخ القرضاوي شارحا الفرق بين الكلمتين: إنهما متقاربتان في المعنى، لكن الغفور الذي يستر على عباده: غفر ستر، لكن مادة عفا أي محا من: عفت الديار، ذهبت معالمها، فهو يمحو المعاصي، وهي أبلغ من الستر، أمرنا أن نطلب من الله العفو: العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة، مذكرا بما يقال في ليلة القدر: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني، فالإنسان يطلب العفو وهو مطالب أن يقتبس من اسم الله العفو: بأن يعفو عن الخلق.. تَخَلّق بخلق الله، اعف وسامح إذا كان لك حق فليس من الضروري أن تأخذ حقك، " فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ".
وذكّر القرضاوي بما كان في حديث الإفك الذي اخترعه المنافقون ليشوهوا سمعة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.. أشاعوا ما عرف بحديث الإفك.. والذي أشاع هذا هو رأس النفاق عبد الله بن أبي بن سلول.. ومما يؤسف له أن جماعة من المسلمين ممن شارك في هذه الرذيلة، أحدهم قريب لأبي بكر كان أبو بكر يحسن إليه لفقره، فلما عرف أبو بكر منه ذلك أقسم ألا يصله منه شيء، لكن الله سبحانه أنزل في كتابه قرآنا يتلى.. يعلّم أبا بكر والمسلمين، أننا لا نجزي السيئة بالسيئة، فمرتبة الفضل أن تدفع بالحسنة، "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" ، " وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" .. كلام في العِرض، لكن الله يريد لمثل أبي بكر درجة الإحسان والفضل، لا العدل فحسب.. كانت أمتنا أمة أخلاق وفضائل ومثل عليا، فلا غرو أن سادوا العالم، وأقاموا دولة العلم والإيمان، وأنشأوا حضارة العدل والإحسان.